بات من الضروري بالنسبة للقائمين على بناء مجتمعات المعلومات في المنطقة العربية اتخاذ خطوات جادة لاعتماد البرمجيات مفتوحة المصدر في المبادرات التكنولوجية، وذلك لما تتمتع به من مزايا كثيرة، بما في ذلك توفرها في متناول الجميع والدور الذي تلعبه في كسر احتكار البرمجيات في العالم وبالتالي ردم الفجوة الرقمية.إن المسألة لا تقتصر على حماية المعلومات بل تتعدى ذلك إلى الأمن الاستراتيجي أو القومي. وليس ذلك من باب التهويل أول المبالغة، بل كان السبب الرئيسي الذي دفع العديد من الحكومات مثل ألمانيا والصين و البرازيل لأن تتخذ بالفعل قرارها بالمضي قدما في بناء بنية تحتية معلوماتية مستقلة عن احتكار الشركات العالمية الكبرى و التفوق الأمريكي الكاسح في بيع و تسويق المنتجات المعلوماتية.مبادرة عربية رائدة:تبنت الاستراتيجية العربية لمجلس وزراء الاتصالات العرب مؤخرا مشروعاً عربياً لإنشاء شبكة لدعم تطوير البرمجيات مفتوحة المصدر ضمن تسعة عشر مشروعاً توصل إليها فريق بلورة الاستراتيجية العربية للاتصالات والمعلومات.يتبنى المشروع دعم البرمجيات مفتوحة المصدر المناسبة للمستخدم العربي، وتحفيز المبرمجين العرب على تطوير هذه البرامج ، بالإضافة إلى تسهيل تبادل البرامج بين المنشآت هذا إلى جانب مجموعة من المشاريع الفردية التي تؤدي الهدف الذي أنشأت من أجله لكنها لا ترتقي للمستوى الذي يمكن أن يحقق أهداف هذا المشروع، ومن أمثلة المشاريع الموجودة مشروع "عربايز" (www.arabeyes.org) ومشاريع مجموعات لينكس في مختلف الدول العربية مثل لينكس السعودية (www.linux.org.sa)، بينما نجد العديد من الدول الأخرى قد قامت بمشاريع مشابهة وشجعت مبرمجيها مثل بعض دول أمريكا الجنوبية وكوريا الجنوبية والصين وغيرها.نبذة عن المشروع:المشروع عبارة عن شبكة افتراضية على الإنترنت توفر وتدعم البرمجيات مفتوحة المصدر المناسبة للمستخدم العربي، كما تقوم بتسهيل ودعم عمل المطورين العرب في البرمجيات مفتوحة المصدر، بالإضافة إلى تسهيل تبادل البرامج بين المنشآت.وتقوم الشبكة بتسهيل ودعم عمل المطورين العرب في البرمجيات مفتوحة المصدر من خلال توفير البيئة المناسبة وتقديم الحوافز للمبرمجين لإنشاء جيل من المبرمجين المهتمين بالبرمجيات مفتوحة المصدر، كما توفر الشبكة المحتوى التفاعلي الذي يساعد على ربط المبرمجين العرب في مختلف أرجاء العالم العربي ويمكن الاستفادة من مشاريع رائدة في هذا المجال مثل مشروع Source Forge الذي يقدم بيئة تستضيف أكثر من ستين ألف مشروع مفتوح المصدر.وسيكون المشروع مصدراً للبرامج العربية مفتوحة المصدر بحيث يسهل على العرب الحصول على هذه البرامج ليكون بيئة مناسبة للجهات الحكومية والخاصة التي طورت برامج داخل منشآتها وتجد أن توفر هذه البرامج بطريقة مفتوحة سيساعد جهات مماثلة في الاستفادة من هذه البرامج.ويهدف إلى تشجيع ونشر وتعريب الأنظمة والبرامج مفتوحة المصدر و إيجاد شبكة افتراضية تربط المهتمين بالبرمجيات مفتوحة المصدر بالإضافة إلى تسهيل تبادل البرامج بين المنشآت بطريقة تحفظ حقوق الملكية الفكرية مع مراعاة الطريقة المفتوحة وزيادة الوعي في هذا المجال من خلال إقامة الندوات والمؤتمرات لتبادل الأفكار والأطروحات بين المطورين في العالم العربي.ويتوقع أن يتم تحقيق الفوائد عديدة منها انتشار استخدام البرامج مفتوحة المصدر في العالم العربي ودعم إيجاد جيل من المبرمجين في هذا المجال بحيث يتمكن العرب من امتلاك تقنية البرمجيات من خلال المشاركة في مشاريع رائدة عالمياً بالإضافة إلى خفض تكلفة البرامج على الحكومات العربية من خلال اعتماد البرامج مفتوحة المصدر، ومن خلال تبادل البرامج بين المنشآت وتوفير بيئة أمنية للجهات الحساسة والتوسع في تعريب البرمجيات ولغات البرمجة بحيث يتمكن طلاب المدارس من الدخول في هذه التقنية والمنافسة عالمياً، كما هو الحال في العديد من الدول الأخرى.آلية تنفيذ المشروع:وتتحدد آلية تنفيذ المشروع الطموح من خلال تكوين فريق عربي بمشاركة الإدارة المعنية في جامعة الدول العربية ليقوم الفريق العربي بتسويق المشروع لدي القطاع الخاص والجامعات العربية ومراكز البحوث العربية، وذلك لإيجاد راعي للمشروع يتولى إنشاء هذه الشبكة.ورصدت الدراسات الأولية للاستراتيجية العربية لتنفيذ المشروع الطموح تكلفة إجمالية تصل إلى مليون دولار أمريكي تقريباً، ويتوقع أن يحتاج إلى ستمائة ألف دولار أمريكي كمصاريف تشغيلية ويقترح أن يتم تمويل المشروع من خلال المنظمات الدولية والإقليمية المهتمة بهذا الموضوع، مثل منظمة اليونسكو وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ICTDAR و الشركات العالمية والإقليمية ويتوقع الانتهاء من المشروع في غضون عام.آراء المتخصصين:ومن جانبهم أكد خبراء تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ان الاحتكام إلى البرمجيات مفتوحة المصدر لا تتعلق بالأمن فقط ولكن ايضا السعر الرخيص والاستقلال في التصنيع وفرصة للمنافسة. فالحكومة الإسرائيلية نفسها أوقفت شراء منتجات مايكروسوفت المقفلة المصدر داخل الأجهزة والهيئات والوكالات الحكومية، واتخذت قرارا استراتيجيا بالتوجه نحو البرمجيات المفتوحة كبديل أرخص ثمنا وأكثر أماناً. وإسرائيل ليست أول قطاع حكومي يتخذ قرارا استراتيجيا بالتوجه نحو البرمجيات المفتوحة المصدر، بل سبقتها قطاعات حكومية عديدة في فرنسا والصين وألمانيا والبرازيل واليابان وكوريا الجنوبية وروسيا بل وولاية ماساسوسيتش الأمريكية، حيث قامت بتبني 200 مليون نسخة من برامج الكمبيوتر المكتبية مفتوحة المصدر وليس منتجات مايكروسوفت.وأكد الدكتور يسري زكي، الخبير العربي بأمن تكنولوجيا المعلومات والبرمجيات، أن "البرمجيات مفتوحة المصدر" تعتبر أحد أهم عشر تقنيات تعمل على تدفع التطور البشري وليس المعلوماتي فقط، منوها إلى أننا أمام منظومة متكاملة تمثل كنزا حقيقيا لمن يريد الاستفادة، والمطلوب بذل المجهود والاعتماد علي النفس وتبني هذه النظم كمستخدمين ومتعلمين وكمطورين، لتصبح إحدى الركائز الأساسية في بناء مجتمع تكنولوجي وفعال وليس مشغل فقط أو معتمد علي ما يحدد لآخرون من منتجات .إضافة إلى أن العديد من نظم التشغيل و برامج النظم المنتجة بمفهوم البرمجة المفتوحة قد ثبت فعليا نديته للبرامج تجارية المغلقة الا انه يتميز عنه في ثلاثة عناصر ارتفاع المستوى الأمني و امكانية التطوير الذاتي (دون الاعتماد علي الغير) والميزة الثالثة انه اقل تكلفة من البرمجيات المغلقة والدليل علي نجاح الاكواد المفتوحة علي المستوى القطاعي هو استخدام كثير من الدول المتقدمة لهذه الأنظمة اما علي المستوى الشعبي نجد ان عدد المطورين للاكواد المفتوحة يتعدي عشرات الملايين وان الشركات المطورة لهذه الأنظمة والمسجلة رسميا اعددها تقترب من الألف شركة اما الشركات المستخدمة لهذه الأنظمة حول العالم فأصبحت تصل إلى أرقام فلكية ، حيث يتم برمجة هذه النوعية في أقوي جامعات العالم، و يتم اختبارها بواسطة الملايين من المتحمسين، والأمثلة الآتية معروفة عالميا وجميعها ليست علامات تجارية لشركة معينة بل برامج مفتوحة للجميع فنظم لينكس تستخدم الآن في بناء الحاسبات السوبر للتطبيقات في مجال الحسابات العلمية وتعمل بكفاءة شديدة كموجه بيانات داخل شبكات المعلومات أو جدار ناري للتأمين والعديد من الأنظمة الأخرى بالشبكات، وقد بدأت فعلا بعض الشركات الأوروبية في طرح منتجات معتمدة علي هذه الإمكانيات .وحسب زكي ان النقلة النوعية القادمة في مجال الاكواد المفتوحة هي الإلكترونيات الدقيقة حيث بدأنا في تطوير نظام يسمح باستخدام الإلكترونيات الدقيقة لبناء أنظمة إلكترونية من خلال مكتبات ومتحكمات وعناصر ربط مفتوحة المصدر وهذا النظام يطبق الآن في مشروع الجامعة التكنولوجيا المفتوحة at-ou.org وتكامل اكواد مفتوحة المصدر مع التصميمات مفتوحة المصدر سوف ينشئ جيلا من الشباب يستطيع ان يعتمد علي ذاته في تطوير منتجات يمكن ان تصبح منافسة للمنتجات العالمية وهي الرؤية التي يتبنها كل من يري ان هناك أهمية لان تكون التكنولوجيا المتقدمة أحد المحاور التي تقطر التنمية التكنولوجية والبشرية معا .وطالب الشباب المبرمجين نحو أيجاد فرصتهم بأيدهم حيث ان هذا المجال مفتوحا الآن علي مصراعيه في العمل الجماعي ويكفي ان تعرف ان معك عدة ملايين من المبرمجين والمطورين يشكلون قيمة مضافة مشتركة بالعمل الذي تقوم به الآن فابدأ الآن فلديكم الفرصة للاستفادة اما بفرصة عمل في احي الشركات الكبرى او التوجه إلى المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر فهي تشكل عصب الاقتصاد حيث يتعدي نصيبها 90% من حجم الأعمال الكلي في مصر .وتري جاكلين دانيال مدير الأعمال التكنولوجية بأوراكل العالمية أن الاعتماد على هذه النظم أصبح حقيقة واضحة لاشك فيها وتوجه لا يمكن تفاديه في المستقبل القريب جدا فتوقعات المراقبين العالميين تري أن هذه النظم ستحتل نصيب الأسد من السوق العالمية للبرمجيات بحلول عام2005 لعدة أسباب أولها عامل التكلفة الذي يرجح كفة هذه النظم في مقابل النظم والبرمجيات مغلقة المصدر، وثاني هذه الأسباب الدعم الذي تلقاه هذه النظم من قبل الشركات الكبرى كـآي بي إم هيوليت باكرد وأوراكل وصن مايكروسيستم,حكومات البلدان المتقدمة التي لمست تطورها الكبير من الناحية الفنية والذي فند بلا رجعة جميع التساؤلات التي كانت سائدة من قبل حول ما إذا كانت هذه النظم صالحة للاستخدام في نظم المؤسسات أم لا، وثالث هذه الأسباب هو تفوق هذه النظم من حيث كفاءة الأداء فأحد اختبارات القياسية للأداء والمعروفة عالميا باسم تي بي سي سي أثبتت جدارة هذه النظم وصنفتها في المركز الأول من حيث سرعة الأداء، علاوة علي ما تتمتع به من تميز وتفوق واضح في مجال أمن المعلومات والسرية والحماية والسعر المناسب.كما انه بالنسبة لمصر فإن هذا الاتجاه يوفر لها مناخا مناسبا لاحتلال مكانة مرموقة في مجتمع المعلومات باعتبار أنه يشكل مسارا حديثا نسبيا وليس متخما بالمنافسين ولم يسبقنا للعمل في تطورها الكثيرون، ولا تزال السوق تفتقر الآن إلي من يطلق علم مسئولي النظم، وتحتاج أيضا إلي إنتاج نظم مساعدة للتعامل باللغة العربية، وكذلك لإنتاج برمجيات تطبيقية متنوعة وإذا ما تحركت الشركات المحلية في هذا الاتجاه وحذت الكليات الفنية ومعاهد التدريب المتخصصة هذا النحو، فسيكون بالإمكان تكوين مجموعة فنية متخصصة ذات مهارات مؤكدة وليس لها منافسون كثيرون مما يجعل الطلب عليها واضحا وكبيرا في السوق المحلية والإقليمية وربما العالمية.ومن جانبه كشف الدكتور جلال حسين خبير نظم المعلومات والبرمجيات العربي ان تشجيع البرمجيات مفتوحة المصدر اصبح خطوة مهمة للاقتصاد لأسباب قومية خاصة في ظل ارتفاع أسعار البرمجيات الأخرى وعدم وجود امكانية لتطويرها، خاصة أن مصر والدول العربية تعاني فقر معلوماتي شديد، لذا فإن استخدام نظم المعلومات ذات الاكواد المفتوحة اصبح ضرورة قصوى في المؤسسات والجهات في ظل ارتفاع التكلفة للبرمجيات و امكانية تطويرها وفق احتياجاتنا الخاصة ولابد ان نبدأ من الآن وفي غضون عامين سيكون لدينا خبرات عالية في هذا المجالوطالب الحكومة والمعنيين ببناء نهضة حقيقة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات دعم حقيقي بدمج البرمجيات المفتوحة المصدر في الاستراتيجية القومية لبناء مجتمع المعلومات بالدول العربية حتى يتم توفير الدعم الكافي والمنظم في هذا المجال في ظل النقص الواضح للخبرات الاستشارية في هذا المجال وبالتالي تحتاج دعم علي مستوي عالي ونقنن الموضوع بتنظيمه ففي الخارج مثلا هناك الجمعية البريطانية لنظم المعلومات تعطي شهادة لمتطوري الاكواد المفتوحة فلماذا لا يكون هناك جهة تدعم هذا المجال بجانب الدعم الحكومي المفقود .وبعيدا عن اراء الخبراء والمتخصصين بالفعل يوجد حركة تكنولوجية تدعي "المصدر المفتوح" صنعت زخمًا في مجال التكنولوجيا في السنوات الأربع الأخيرة، وهي تضم أي فرد ملمّ بقواعد البرمجة يمكنه أن يغير ويبدل ويطور في أي برنامج يحصل عليه من برامج المصدر المفتوح، حتى يلائم البرنامج التطبيق الوظائف التي يبغي الشخص إنجازها.يُطلق على حركة المصدر المفتوح (open source) حركة؛ لأنها وإن كانت تمثل –في الأساس– نموذجًا لتطوير البرامج والتطبيقات الحاسوبية، فإنها في جوهرها اتجاه فكري يتعلق بتحرير الإبداع البشري، قدر الإمكان، من سطوة الشركات الكبرى.ويُقصد بالمصدر المفتوح أن تُتاح الشفرة (source code) المستخدمة لإنتاج أحد البرامج أو التطبيقات للجميع يغيرون ويطورون بها. وأهم إنجازات المصدر المفتوح نظام تشغيل "لينوكس" (Linux)، المنافس الأهم لنظام "ويندوز".ويختلف ذلك جذريًّا عن نموذج المصدر المغلق أو التجاري الذي تتبعه معظم الشركات وأهمها شركة مايكروسوفت. فبحصولك على نسخة من نظام تشغيل "ويندوز" مثلاً، ليس بإمكانك أن تغيّر في اللغة أو الشفرة التي صنع بها "ويندوز"؛ لأن ذلك –أولاً– أمر عصيّ نتيجة القيود والحماية التي وضعتها مايكروسوفت لتحول دون حدوث ذلك. وثانيًا لأنه سيعرضك للملاحقة القانونية من الشركة.وكانت ترجمة هذه السيطرة من مايكروسوفت أن أصبح نظام "ويندوز" يعمل على حوالي 94% من الحواسيب الشخصية حول العالم. ولم تفلح قضية منع الاحتكار (التي رفعتها الحكومة الأمريكية) أواخر التسعينيات الماضية أو مثيلتها الجارية الآن من قبل الاتحاد الأوربي في أن تزعزع من قبضة مايكروسوفت على الساحة التكنولوجية. ولكن أفلح في ذلك مبرمجو ومطورو حركة المصدر المفتوح ونظامهم "لينوكس".والدليل على ذلك أن "ستيف بولمر"، المدير التنفيذي لمايكروسوفت، وصف "لينوكس" في مؤتمر عقد عام 2001 باعتباره أخطر تهديد لمايكروسوفت. أضف إلى ذلك أن نظام "لينوكس" المجاني أصبح منافسًا قويًّا في سوق الحواسيب الخادمة للشركات؛ إذ يعمل على حوالي 23% من هذه الحواسيب عالميًّا (بعد نظام تشغيل مايكروسوفت الذي يحظى بنسبة 55%) كما أن نمو استخدام نظام "لينوكس" على الحواسيب الشخصية يتنامى بمعدل 25% سنويًّا كما أشارت شركة (IDC) لأبحاث تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وأكثر من ذلك، أن عددًا كبيرًا من الشركات الكبرى بدأ استخدام نظام "لينوكس" بصورة رئيسية في إدارة أعمالها مثل محرك البحث الهائل "جوجل" Google وشركة "أمازون" Amazon الضخمة.
تعليقات
إرسال تعليق